تعتبر ولادة المولود داخل الأسرة حدثا سعيدا يستحق الاحتفال لأن الطفل الجديد ينشر دائما الفرح و البهجة داخل الأسرة باعتباره مرحلة جديدة ستبدؤها الأسرة رفقة وافد جديد . لكن بعض الأسر قد يتحول عندها ذلك الحدث السعيد إلى يوم مشئوم بسبب جنس المولود إذا كان الأب يحمل هذه العقدة بداخله و يكره أن يبشر بأنثى . فيحول هذا الأب حياة الأسرة بكاملها إلى حرب و تبادل للاتهامات مع الأم المسكينة التي ذنبها الوحيد أن مولودتها أنثى , رغم أن الطب الحديث أثبت أن الرجل هو المسؤول عن جنس المولود و ليس المرأة ..[clear]
فما الذي يجعل الرجل العربي يفضل المولود الذكر على الأنثى؟ و لماذا تعتبر الأنثى في نظر بعض الأسر مجرد حمل ثقيل في حين يعتبر الذكر مشروعا مربحا ؟
المولود الذكر
تعتبر ولادة الذكر حدثا مهما في حياة الأسر العربية و خصوصا الأب الذي يعتبره حدثا يستحق الاحتفال و إقامة الأفراح و قد يسبقه الاحتفال قبل الولادة بأشهر عندما يتم الكشف عن جنس المولود , لدرجة أن بعض الزوجات يرفضن الكشف عن جنس المولود حتى لا تبدأ معاناتهن مع الزوج إذا كان المولود المتوقع أنثى . لتبدأ معاناة الأم حتى قبل أن تصبح أما فتصبح مهددة من قبل الزوج و الحماة و عائلة الزوج بالطلاق أو الزوجة الثانية في أحسن الأحوال , فلا تشعر المرأة بالأمان حتى تلد الولد .[clear] حتى عبارات التهنئة تختلف باختلاف جنس المولود فالكل يردد “يتربى في عزك” بالنسبة للذكر و “ان شاء الله تشوفيها عروسة” بما معناه أن البنت مصيرها دائما بيت زوجها أما الولد فهو ضمان لأهله و يعتبرونه مشروع يجب أن يستولي على اهتمام اكبر و أن يحصل على تعليم جيد و مصروف أكبر و رعاية أكثر مما تحصل عليه الفتاة , لأن الأب يرى دائما نفسه في ابنه و يتمنى منه أن يحقق ما لم يحققه هو في شبابه , فيعتبر ابنه الصديق الأوفى في الذي يمكن الاعتماد عليه بعد زوال الصحة فيصبح الابن امتدادا للأب و الراعي لشؤون البيت بعده أي أن الولد سيشكل حماية للأسرة بعد موت الأب حاملا اسمه بعده , الاسم الذي تتخلى عنه الفتاة منذ أول أيام زواجها لكي تحمل اسم زوجها .
المولود الأنثى
يعتبر معظم الآباء في مجتمعنا و حتى المثقفين منهم أن ولادة أنثى عبء كبير و مصدر قلق على المستقبل منذ أول أيام ولادتها , فمازال في بعض المناطق يرتبط إنجاب الأنثى بمفهوم الشرف في مجتمع ذكوري و ترافقها دائما نظرة دونية بانعدام فائدتها داخل الأسرة, لان الدور الرئيسي هو للذكور فقط فهم يحملون اسم العائلة و يدرسون و يعملون في حين أن الفتاة تظل في البيت تسعى لخدمتهم و توفير الراحة لهم حتى يأتي اليوم الذي تتزوج فيه و تغادر بيت الأسرة . أما الفتاة النشيطة الموظفة فهي أيضا متهمة بانعدام الفائدة لأنها تصرف كل راتبها على نفسها و قد لا يكفيها للاعتناء بمظهرها و ملابسها..[clear]
و على النقيض من ذلك فالمجتمعات المتحضرة المتحررة تجد أن لا فرق بين الذكر و الأنثى بل في أحيان كثيرة استطاعت الفتاة أن تتفوق على الذكور داخل البيت و خارجه و على المستوى العملي و العلمي , فنجد الفتيات في الصفوف و المراتب الأولى متفوقات على أقرانهم من الذكور في المدارس , و في المجال العملي أصبح إيجاد عمل أمرا سهلا بالنسبة للفتاة عكس الرجل , فنجد الشركات تتسابق لتشغيل النساء لما لهن من دور فعال في إنجاح و إتقان العمل و الجدية و التفاني و قبول أي راتب عكس الذكور الذين يضعون شروطا كثيرة للعمل و يطالبون بأجور عالية و مكافآت و تعويضات …[clear] أما في الجانب الأسري فإن للفتاة دورا كبيرا داخل الأسرة في الاعتناء بالوالدين و الإخوة سواء كانوا صغارا أو كبارا و قد تتحول أحيانا إلى المعيل الوحيد و المنفق على كافة أفراد الأسرة بمن فيهم الذكور , لان أبناء هذا الجيل لا يحملون من الذكورة سوى الصفة .. ينامون النهار و يسهرون الليل فأصبحوا بذلك عبئا على الأسرة و على الوالدين و على الأخوات . فأصبحت بذلك المرأة اليوم تتعب أكثر من الرجل بتحملها للمسؤولية داخل البيت و خارجه .