إن موضوع الزواج أصبح في هذه الأيام موضوعاً يطول فيه النقاش و الجدال لما طرأ على هذه المنظومة العديد من التحولات ما بين تأخر سن الزواج و حداثته أو حتى العزوف عنه و الإقبال عليه بعد أن كان الزواج في البلاد العربية أمراً تقليدياً وبديهياً . ،ويعود هذا الاختلاف إلى عدة ظواهر و ظروف يعيشها المجتمع العربي يمكن تصنيفها إلى اقتصادي ومجتمعي ثقافي .
العامل الاقتصادي
و بحسب الترتيب من ناحية التأثير يمكن أن نورد العامل الاقتصادي أولا ، حيث تعيش جل الدول العربية حالة من الضعف و التدهور في اقتصادياتها وهشاشتها الشيء الذي جعل من الدخل الفردي للمواطن العربي في انخفاض مستمر بالكاد يكفيه ويوفر للعائلة كفاف الشهر مقابل غلاء المعيشة زيادة على انتشار البطالة بين صفوف الشباب وارتفاع نسب الفقر .
عامل الثقافة
ونورد عامل الثقافة المحلية ثانياً حيث يسعى الشباب اليوم لتأسيس حياة عائلية بمستوئ طيب في مجتمع يوسم بالاستهلاكية ، الشيء الذي يبدو صعباً ولكن يتحقق مع طول المدة لتوفير كمالية العيش وتحقيق الرفاهية العائلية ما يجعلوا سن الزواج متأخرا عند الكثيرين. ولنفس السبب -أي عمل الثقافة المحلية – نجد في بعض المجتمعات ،خاصةً تلك التي تعيش ما يعرف ب-” تحرر المرأة ” ضعف مؤسسة الزواج وهشاشتها حيث ترتفع نسب الطلاق لتصل إلى 60% وقل أن يحاول من مر بهته التجربة الفاشلة أن يعيد بناء حياة زوجية جديدة .
الأصولية والانفتاح
أما العامل الأخير الذي يمكن أن أورده ،فهو انعكاس الصراع الذي يعيشه الشباب العربي بين الأصولية والانفتاح على نظرته لموضوع الزواج ،ما أوجد إنقساماً في الوسط الشبابي . فالبعض يرى ويؤمن بقدسية الزواج ويلتزم بها -سواء من المسلمين أو المسيحيين – متجاهلين بذلك الترتيب لحياة أسرية -خاصةً الظروف الاقتصادية -، وهذا ما يفسر الإقبال على الزواج عند هذه الشريحة من الشباب. والبعض الأخر يرى أن الزواج باعتباره قفصاً ذهبياً هو إطار للحد من الحرية و الانطلاق في حياة اللهو متأثرين بنمط الحياة الغربية بما في ذلك إقامة العلاقات خارج إطار شرعية الزواج واعتباره أمراً عادياً وهو ما يغيب -بالأساس – الحاجة الوظيفية للزواج و بالتالي بانعدامه عند هذه الشريحة من الشباب .
نظراً لتغير العقليات في الأوساط الاجتماعية و تأثر هذه الأوساط بالحالة الاقتصادية في البلاد فضلاً عن انعكاس الصراع الذي يعيشه الشباب العربي بين الأصولية و الانفتاح الذي غير النظرة العامة لمنظومة الزواج أصبحت تشكيلة المجتمع العربي غير واضحة الملامح في ظل هذا التذبذب الذي تعيشه مؤسسة الزواج