مع الإقبال المتزايد على المدارس الخصوصية بسبب ما تضيفه من امتيازات في طرق التدريس والأنشطة التي يشارك بها التلاميذ وكذا ميزة النقل المدرسي الذي توفره للتلاميذ من وإلى المدرسة مقارنة بالتعليم العمومي لأن خدمة التوصيل المدرسي تزيح عبئا ثقيلا على كاهل الآباء , لكنها في الوقت نفسه تبعث على القلق لأنها لا تحترم شروط السلامة.
رغم أن الوالدين يعتقدان أن توفير النقل المدرسي يعد ميزة تغنيهم عن التنقل كل يوم من وإلى المدرسة فإنهم يجهلون الكثير عن المشاكل التي تصادف أطفالهم والأخطار المحدقة بهم.
النقل المدرسي وقلة الحافلات
تختلف معاناة الأطفال مع النقل المدرسي بشكل يومي حيث تبدأ المعاناة من ساعات الصباح الأولى إلى غاية وصولهم للمدرسة ثم لا تنتهي إلا بعد عودتهم مساءا , حتى وإن كانت المدرسة قريبة فإن الرحلة قد تستغرق أحيانا ساعتين إذا لم تكن المدرسة تتوفر على عدد كافي من الحافلات لنقل كل التلاميذ ,فيضطر عدد كبير منهم إلى الإنتظار داخل المدرسة حتى تعود الحافلة مرة أخرى لنقل الفوج الثاني وخلال فترة الإنتظار هذه قد تحدث للتلاميذ أخطار كثيرة مثل المشاجرات أو الحوادث التي تقع خارج الوقت الرسمي للدراسة.
النقل المدرسي والإكتظاظ
إن قلة الحافلات وعدم ملاءمتها لعدد تلاميذ المدرسة يترتب عليه الإزدحام داخل الحافلة , فمثلا الحافلة التي تتسع ل 30 طفل قد يضطر معها السائق إلى تكديس 40 إلى 45 طفل بداخلها مما يسبب عدة أضرار و أخطار للتلاميذ أولها ظهور الأمراض المعدية كالربو والضيقة وأمراض الحساسية كالزكام وبعض الأمراض الجلدية, لأن الجو العام داخل الحافلة لا يسمح بنقل هؤلاء الأطفال في جو سليم ولا يضمن لهم حياة صحية , لأن تكدس أكثر من 40 طفل داخل حافلة واحدة يخلق جوا من الإختناق ويسهل انتقال العدوى والجراثيم بينهم كما أن النقل المدرسي قد يتسبب في إعاقات جسدية للأطفال من خلال الحوادث التي تقع باستمرار أثناء ركوبهم أو نزولهم من الحافلة أو بسبب تسرع السائق وعدم انتظاره لمغادرة الطفل للحافلة بشكل نهائي , أو في حالة فتح أحد أبواب الحافلة قبل توقفها
النقل المدرسي … الحالة الميكانيكية
من المعروف أن الحصول على رخصة امتلاك حافلات النقل المدرسي يستدعي توفر المدرسة على العدد الكافي من الحافلات التي يجب توفرها على المواصفات التقليدية الضرورية التي تؤمن النقل الخاص الجماعي للتلاميذ في ظروف آمنة وكذا تجهيز الحافلة من الداخل لتوفر للأطفال السلامة الصحية حتى يصلوا لمنازلهم آمنين , كما يجب توفر مرافق أو مرافقة لتعتني بالتلاميذ بالإضافة للسائق حتى يسهرا على مراقبة الأطفال ويشترط في الحافلة أن تصبغ بألوان محددة و تكتب عليها عبارة “نقل مدرسي” بالعربية و الإنجليزية أو الفرنسية , وأن تخضع هذه الحافلات لفحوصات تقنية للتحقق من الحالة التقنية والميكانيكية للحافلة.
وتظل هذه المشاكل مجرد صور لمأساة يومية يعيشها الطفل بمفرده لا يعرف عنها الآباء أي شيء, إذ نادرا ما يهتم الوالدان بهذه القضية الحساسة إذ يكفيهم أنهم وفروا الوسيلة لنقل أولادهم من وإلى المدرسة ومبررهم الوحيد الذين يدفعهم لتقبل الظروف السيئة التي يواجهها أبناؤهم هو أن التوقيت المدرسي يتزامن مع وقت ذهابهم إلى العمل وهذا ما يمنعهم من مرافقة أبنائهم صباحا ومساءا.