لم يعد أحد جاهلاً لما حملته لنا التكنولوجيا من تسهيلات ومتعة، كما قربت لنا كل بعيد وجعلتنا نجوب العالم بأكمله ونحن في مكاننا عبر الانترنت. الانترنت أو الشبكة العنكبوتية كما يقول البعض جلبت لشبابنا كل ممنوع وأصبحت من أهم محفزات إفسادهم وجرّهم إلى المكروهات والممنوعات من الأشياء.
فمثلاً لو سألنا أحد كبار السن عن الانترنت لوجدناه بدأ بالشتم والسب واللعن، ويبرر ذلك لما يسمعه ويقال له عن جرائم الانترنت والعلاقات المدمرة التي تحدث بين الشباب من كافة البلدان والفئات العمرية.
أما لو طرحنا نفس السؤال على أحد الشباب من الفتيان أو الفتيات، لبدأ بسرد إيجابيات الانترنت وكيف أنه أصبح يقصر المسافات وكل بعيد كما يجلب لهم بالخبرة والمال ويوفر الوقت وهو وسيلة ممتازة للتواصل بينهم وبين من يعرفون في البلاد أو خارجها.
بالواقع لو كنا على الحياد لوجدنا أن الانترنت مثله كمثل أي اختراع آخر لا يخلو من العيوب والمساوئ كما أن إيجابياته لا تنتهي بذكرها.
العلاقات العاطفية عبر الانترنت
يكثر الحديث بيننا عمن تعرف على شريك حياته عبر الانترنت، ومن تزوج عبر الانترنت، ومن لجأ للانترنت للبحث عن حبيبة او زوجة له، ففي كل يوم ندخل به إلى عالم الانترنت يكون احتمال مقابلتنا لشريك الحياة هناك موجود، لما هو متوفر من وسائل عديدة للتعارف والتواصل كالشبكات الاجتماعية والمنتديات أو البريد الالكتروني و غيرها.
وكم من شاب وفتاة كان لقاؤهما الأول لقصة حب طويلة على الانترنت وغالباً ما تكون قائمة على الصدف الغير مدروسة ،فكلمة بينهما تودي بكلمة أخرى، وابتسامة تخترق قلب احدهما فتذيبه ،فيجدا أنهما متوطدان بعلاقة لا يستطيعا إنهائها فإما يكلللانها بزواج يجمعهما في الواقع او تبقى على سحب الانترنت الافتراضية.
وكثيراً من الفتيات يصحون على كذبة الوهم، فيجدون أنهم أحبوا أشخاصاً لا وجود لهم ،إما بشخصياتهم الكاذبة التي يرتدونها في عالم الانترنت، أو بأسماء وهمية غير موجودة على أرض الواقع. فنراهم يرسمون صورة يتمنوها لهم ويقومون بقصّها على كل من يحادثهم، فنجد الفاسد يرتدي رداء الملائكة الأبيض الطاهر ليقنع الجميع بنقائه حتى إذا غرقوا في بحر الوهم تركهم وذهب يمضي بفساده.
كما أن العلاقات العاطفية لم تعد حكراً على الشباب فقط، فأصبحنا نتفاجأ بمن هم فوق ال 30 سنة يغزون عالم الانترنت ليبحثون عن المتعة والتسلية وملئ أوقات فراغهم، فتارة نرى رجل طاعن بالسن يترك زوجته وأولاده ليجلس بالساعات على الانترنت يتصفح مواقع التعارف ويبحث عن فتيات يثرثر معهن ويغويهن بشخصية كاذبة او صور مسروقة ويقعن هن في شباك غزله وكلامه المعسول، وأخرى تترك زوجها وأطفالها لتتحدث مع غيره عبر الانترنت وتفرغ ما في جعبتها من هموم زوجية، و دائماً ما نسمع عن قصص طلاق تتكرر بسبب الانترنت فنراهم يعددون لنا ما كان عليه الشخص من صفات عبر الانترنت وكيف أنه غير مطابق لصفاته الواقعية ،وغالباً ما يكون الأشخاص مختلفون بين الواقع والانترنت.
وبالمقابل نجد كثيرين ممن توجت علاقات غرامهم عبر الانترنت بزواج ناجح، وزادت محبتهم بالتقائهم وكيف أنهم سعيدون بما وجدوه في شريك حياتهم من صفات لم تكن واضحة لهم عبر الانترنت.
وبالنهاية نرى ان نجاح العلاقة او فشلها يعتمد على كلا الطرفين ،فإن كان كلٌ منهما صادق بمشاعره صريح للطرف الآخر لا يلجأ للكذب حتى يتقرب منه ،فبالطبع ستدوم علاقتهما حتى و إن لم يكن الزواج نصيباً لهما فستبقى علاقة مودة و محبة تجمعهما بكل احترام و ثقة.