الرئيسية - منوعات - أراء حرة - كارثة في الإستاد
mo22.com - كارثة في الإستاد
mo22.com - كارثة في الإستاد

كارثة في الإستاد

لم تكن هذه هى المرة الاولى بل كانت المقدمات تتعاقب وتتضح لاى عاقل لكنه كان حالماً وواثقاً أن شيئاً كهذا لا يمكن أن يحدث لهما. في لحظة ما شعر أنه أقوى من كل هذا. يقول لها “وماذا يعني؟ ولكنك لازلت لي أليس كذلك؟”. فتحمر خجلاً وتطرق للأرض وتنظر إلى الارض وتجيبه من وسط دموعها “نعم”.

إقترب تحقيق الحلم

تسأله أمه بعصبية قلقة “يابني إرحم جسدك أنت لم تعد إبني الذي أعرفه لم تولد بعد من تستحق كل هذا العناء لأجلها إن الله لم يخلق الدنيا في ساعة وكان يستطيع, ألم يمهلك والدها عامان؟” فيجيبها بقبلة على يدها ويبتسم ويدس في فمه شيئاً من على المنضدة ويهرول على السلم ليلحق بعمله الثالث فتظل لدقائق شارده تحملق في الفراغ حيث كان واقفاً ثم تفيق فتمتلىء عيناها بالدموع لأجله.

يره أصدقاءه بالصدفة في الطريق فيستوقفه أحدهم ضاحكاً “ما هذا يارجل لم نرك منذ دهر..هل غاضبك أحدنا في شىء..تبدو شاحباً زائغ النظرات..فعلا الحب يفعل المعجزات” فيمازحه بكلمات مقتضبه ويكمل سيره. كانت أيام! لماذا لا يستطيعون أن يصدقوا أنه لم يعد هو لم يعد يمكنه لعب الكره في الساحات التى إعتادوا اللعب فيها ولا السهر في “الكافيه” الذى إعتادوه لم يعد يجد الوقت لمتابعة أخبار فريقهم المفضل والذى كان من كبار مشجعيه المعروفين بالإسم أصبح من هؤلاء الذين يغتنموا “العشر دقائق نوم” وأصبح ينظر إليه نظرة دونية ويسأل الله لهم الهداية ثم يغبط نفسه حين يتذكرها فيبتسم ويحمد الله على أنه لم يخلق منها سوى واحدة وقد قدرها له.

لا وقت للصداقة لا وقت, لقد نذر آخر قطرات دمه, كل عصب من أعصابه, كل عظمه سليمه من عظامه لهذا الهدف أصبح كالسهم المنطلق كالداله الرياضيه التى ليس لها سوى حل أوحد كالكتله النووية الحرجة التى لا يمكن أن تتحول لشىء آخر. لقد إقترب تحقيق الحلم إقترب بشدة فقط بعض المشاجرات القليلة مع بعض “الصنايعية” لإنهاء المسكن دون تأخير وسيكون كل شىء بخير.ساعتها فقط سيتمكن من الإسترخاء بعد هذا الضغط الواقع عليه منذ قرابه سنه وشهرين. “السكن” هذا هو اللفظ القرآنى العبقرى أخيراً “سيسكن”.

مذبحة الإستاد

في طريق عودته شرع يهاتفها فلم ترد من المره الأولى كما إعتاد وإعتادت وحين فعلت كانت مرتبكة الصوت شاردة وأخبرته أنها كادت تنهار حين فشلت في الوصول إليه تليفونياً منذ ساعة وأنه يجب أن يحذر في طريق العودة للمنزل لقد حدثت كارثة في الإستاد راح ضحيتها بعض الأشخاص من مشجعى الفريق الضيف. كان يعرف بأمر المباراة ولكنه كعادته منذ بدأ كفاحة من أجلها أشاح بوجه بعيداً ولم يهتم إلا بما يثقل جيبه حلالاً أوبما يقصر عليه سعيه أو يوفر عناؤه ولو قليلا كرة القدم, لقد صارت شيئاً بعيداً جداً إنه لم يتذكر وجوه اللاعبين أصلاً. وكان قد تناهى إلى مسامعة بعض الأنباء المتطايرة منذ ساعة أثناء إستراحة العمل عن تقدم فريقه الذى إعتاد تشجيعه على الفريق الخصم على غير المعتاد.

مما رآه خلال عودته إلى البيت أدرك فداحة الأمر الجيش بآلياته الثقيله يملأ المدينة, البعض يهرول في الطرقات وقد إمتلئت ملابسهم بالدماء, زحام ودماء وصراخ أمام المستشفيات “لقد وصل عدد المتوفين إلى عشرين”, “يقولون ان اغلبهم ذبح ذبحاً”, “بل العدد يتجاوز الستين هكذا سمعت على قناة ….” سمع هذه العبارات في المواصلات العامة وهو مصدوم وفي شبه إنهيار. المكان ساحة حرب وقد أصبح من المستحيل معرفة لمن ينتمى من, من قد يفعل هذا, وصل للبيت منهاراً فتلقفته أمه والدموع تغرق على وجهها.

في القفص

في الفجر إستيقظ على الجحيم ذاته. شخص يركله في بطنه والأخر يسحبه من ملابسه, أحدهم هوى على وجهه فشق شفته السفلى لم يفهم ما يحدث ولكنه كان يسمع صراخ أمه منادية بإسمه بشكل هستيري لا ينقطع. قبل ان يفهم. وجد نفسه يحشر في سيارة شبه عاري ورأسه للأسفل.

سأل أمه عنها فأطرقت وجهها ولم تجب. لماذا لم تحضر؟ أهي بخير؟ هذه هى الجلسة الثانية التى لم يرها فيها؟ سأل مرة أخرى أهي بخير؟ قالت له من وسط دموعها بعد أن صار إخفاء الأمر مستحيل “لقد منعها والدها من القدوم وأجبرها على فسخ الخطبه!! ” وفجأه لم يعد أحداً حوله إختفى الناس من أمامه لم يعد في القفص متهماً بفعل لم يرتكبه بل رأى نفسه في بئر عميق بارد وفي لحظة بدأت آلام كل ما تعرض له على مدى الاشهر السابقة من يوم إلقاء القبض عليه زوراً على خلفيه مذبحة الإستاد تنهش جسده فجأه شعر بالوهن وبالتنكيل والضرب المبرح والإهانات التى تعرض لها فجأه أحس أنه عاري الظهر لقد وعدته في جلسة سابقة أنها لا زالت له وتشابكت أكفهما أهي النهاية!! جلس على الارض وأسند رأسه ,أغمض عينيه, لقد هدموا حياته ومستقبله لأجل ملىء وثيقة الإتهام ببعض الأسماء, لم يعد يأبه لأي عقوبة قد ينالها فمن أصدروا أمر إعتقاله بدون دليل كانوا قد أعدموه بالفعل بلا جريرة.

مستوحاة من أحداث حقيقية

عن محمد نويصر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .

ثمانية عشر − 4 =