النهاية بأيدينا! …
مهووسون البشر في كل مكان بالعالم بفكرة نهاية العالم. تذكرون ألاف الكتب والمقالات, والاخبار والبرامج والدعايات المكثفة التي تحدثت عن نهاية العالم حسب تقويم المايا, وتأكيدات نوسترادموس المنجم الفرنسي الشهير , والجداريات التي ظنوا أنها طلاسم تؤكد الموعد وموجودة على جدران المعابد الفرعونية والسومارية. الكل دعم فكرة وهمية وروجوها “نهاية العالم 21 ديسمبر 2012” .ولأن الزن كالسحر فصدق الملايين هذا الطرح, وأنتجت هوليوود فيلما بانتاج ضخم العام الماضي عن نفس الفكرة السخيفة. وما أن دخل العام 2012 خفت الاحاديث عن هذا الموضوع ,مع أن الاولي أن تزيد النغمة في حدتها أكثر وأكثر. انها هي ذاتها صناعة الوهم والتجارة به واستغلال سذاجة الناس, وضعفهم الشديد أمام الغيبيات والمعجزات عن اعمال العقل والتحليل.[clear]
نهاية الحياة على كوكب الارض
في هذا المقال سنرى بأعيننا ونفكر بعقولنا في هذه الجملة التي أؤكدها وأؤمن بها تماما “نهاية الحياة على كوكب الارض ستكون بيد الانسان نفسه عندما يدوخه الغرور ,ويمتلكه الغباء” !![clear]
نهاية أي شيء تتم بعلم الله المحيط بكل شئ علما , ولكن الله خلق الاسباب. من اتخذ بالاسباب طريقا للحياة عاش وهنأ, واذا اتخذ الاسباب للهلاك هلك. هل تتسألون كيف ينهي الانسان بنفسه الحياة على كوكب الارض؟[clear]
في القرن العشرين وحتى الان يفعل الانسان كل يوم وكل لحظة ماهو كفيل بتدمير الارض تدميرا شاملا , ولكن التزاما بمساحة المقال سنذكر المصيبة الكبرى التي ظن المخترعين لها أنها مصدر القوة والعزة والفخر.
القنبلة الهيدروجينية
موضوعنا اليوم عن أعظم القنابل التي صنعها البشر على الإطلاق وهي قنبلة صنعت من قبل الإتحاد السوفييتي كان رمزها RDS-202, وتم إختبار هذه القنبلة المخيفة والتي تبلغ قوتها التدميرية 50 ميجا طن من المتفجرات شديدة الإنفجار TNT..تخيلوا القوة التدميرية !! , ولكي نبسط هذا الرقم بلغة المقارنات يكفي لك أن تعلم أنها أكبر من مجموع القنبلتين النوويتين اللاتي ألقيتا في اليابان على كل من هيروشيما وناجازاكي في أربعينيات القرن الماضي بـ 1400 مرة وأنها أكبر من مجموع كل القنابل والمتفجرات التي أستخدمت أثناء الحرب العالمية الثانية نفسها بـ 10 مرات!!.[clear]
القنبلة الكبرى هي قنبلة هيدروجينية ذات ثلاث مراحل، يتم تفجير قنبلة نووية عادية في المرحلة الأولى لتوليد الحرارة العالية (ملايين الدرجات) التي تتطلبها عملية تحفيز الاندماج النووي لنظائر الهيدروجين أخف العناصر في الكون وأخطرها في المرحلتين التاليتين والتي تؤدي إلى توليد قوة تدميرية هائلة تقاس بالميجا طن (1 ميغاطن = مليون طن من مادة TNT شديدة الانفجار) وكذلك إلى انبعاث كميات كبيرة جدا من الغبار الذري الذي تكون له تأثيرات ضارة على البيئة والصحة العامة للانسان والحيوان والنبات وخطورته انه ينتقل مع الرياح لمسافات بعيدة ويؤثر فيها لفترات طويلة جدا، لذلك ولغرض التخفيف من هذه الانبعاثات الضارة فقد قام العلماء السوفيت لا سامحهم الله بتخفيض قوة القنبلة من 100 ميجا طن كما كان مخططا لها في التصميم الأولى للقنبلة إلى طاقة ما بين الـ 50 والـ 57 ميجا طن، كما قاموا بوضع نظائر الرصاص بدل اليورانيوم المشع في المرحلة الثانية وذلك من اجل تقليل كميات الغبار الذري المنبعث عن الانفجار وقد نجحوا في مسعاهم ذلك بنسبة 97% حيث ان القنبلة الهيدروجينية العظمى، رغم قوتها التدميرية الهائلة، توصف بأنها واحدة من أنظف القنابل النووية على الإطلاق!.
التجربة العملية المأساوية
في صباح يوم 30 أكتوبر عام 1961 حلقت الطائرة العسكرية السوفيتية حاملة معها القنبلة الهائلة, ورافقتها طائرة أخرى وذلك من اجل مراقبة وتصوير عملية التفجير، وقد طليت كلتا الطائرتين بطلاء أبيض خاص لحمايتهما من الحرارة والإشعاعات المتولدة من الانفجار حيث تم تحذير طاقم الطائرة التي ستلقي القنبلة أن سلامتهما غير مضمونه حيث أن هناك خطر الإرتداد القوي الصادر من القنبلة الذي يمكن أن يؤدي بهم إلى الهلاك. وقد تقرر تفجير القنبلة على إرتفاع من الأرض كي لا تسبب قوتها الهائلة الكثير من الدمار والإشعاع على سطح الأرض. وفي الساعة 11:30 تم إلقاء القنبلة من على ارتفاع عشرة كيلومتر فوق منطقة الاختبار وهي احدي الجزر الصغيرة في المحيط القطبي الشمالي، وما ان انطلقت القنبلة حتى فتحت المظلة المتصلة بها والتي كانت مهمتها الرئيسية تأخير لحظة الإنفجار حتى يتمكن الفريق الذي ألقى القنبلة من الهرب لأقصى مسافة ممكنة, وهذه المظلة رافقت القنبلة لمدة 188 ثانية حتى وصولها إلى ارتفاع 4000 متر عن سطح الأرض، وهي النقطة التي تقرر تفجير القنبلة فيها، وفي هذه الأثناء كانت الطائرتين المنفذتين لعملية الإلقاء تنطلقان بأقصى سرعة للابتعاد قدر الإمكان عن مكان الانفجار. وكانت الكارثة والفاجعة الكبرى.
النتائج المأساوية المخيفة
نتائج هذه التجربة المخيفة صعقت العالم كله حيث وصل الإرتفاع الأقصى للسحابة الناتجة عن الإنفجار 64 كلم وبلغ عرضها 40 كلم وكان قطر كرة النار الناتجة عن الإنفجار 4.6 كلم وطافت الموجات الناتجة عن الإنفجار حول الكرة الأرضية بأكملها 3 مرات! وذاب ثلث سطح الأرض تحت منطقة الإنفجار حيث تحولت الصخور في مركز الإنفجار إلى رماد!! (تخيلوا هذه الصورة جيدا في مخيلتكم) , وتحولت بقية الأرض إلى سطح من الزجاج أي تحولت الرمال بفعل الحرارة الفظيعة الى السليكا. في نفس هذا الوقت كانت أقوى قنبلة أمريكية على الإطلاق أصغر من هذه القنبلة بـ 4 مرات على الأقل.
هل علمتم جيدا ويقينا بعد قراءة هذا المقال أن النهاية لا يشترط أن تكون أتية مع مذنب يضرب الارض, أو كويكب يصطدم بها فجأة. النهاية يصنعها البشر بجبروتهم وغباءهم ويظنون أنهم يحسنون صنعا, وهم لا يصنعون الا الاداة التي سيفنون بها كل ما فعلوه وبنوه على هذه الارض.