هل يمكن أن يتزوج المريض النفسي ؟ سؤال يحمل مقدما الأجابة التقليدية بكلمة لا….ولكن أحدث الدراسات الصحية تؤكد أن الزواج يكون في كثير من الحالات عاملا اساسيا في حدوث الشفاء للمرض النفسي.
من ابرز النظريات التي حاولت تفسير حدوث المرض النفسي نظرية القائلة بأن اختلال العلاقات الأنسانية واضطرابها هي وراء حدوث ذلك,ان الأحساس بذات الأنسان, بوجوده, بأنسانيته, فأنه يتأكد من خلال الأخرين من خلال احساسهم بنا من خلال تعاملهم معنا,من هنا يحس الأنسان بوجوده المعنوي,اي ان الأنسان يرى ذاته الداخلية من خلال الأخرين, الأخرون هم المرأة التي نرى فيها انفسنا,وحين تضطرب هذه العلاقة فأن شرخا هائلا يحدث في هذه المرأة فيضطرب احساسنا بأنفسنا ويضطرب ادراكنا للواقع وبذا تبدأ الالام النفسية..[clear]
هكذا تكون البداية وتعمق الالام حين يفشل المريض في تكييف علاقاته وتعمق اكثر حين يفشل الأخرين في تكييف علاقتهم بالمريض ,فمن ابرز اعراض المرض النفسي او العقلي اضطراب السلوك, ومالم يتفهم المجتمع هذه الحقيقة ويدرك الأسلوب المناسب في معاملة المريض فلا جدوى من العلاج, وذلك هو التطور الهائل الذي حدث في الطب النفسي في السنوات القليلة الماضية,كيف تتقبل المريض النفسي بيننا كأنسان يحس ويتألم ويدرك,كيف نعامله ,كيف نساعد ونخفف من معاناته ,كيف نساعد على شفائه…..ان حضارة اي مجتمع تقاس الأن بمدى استيعاب وتقبل المريض النفسي وتهيئة الجو النفسي والاجتماعي لمساعدته على الشفاء.
هل استمرار الزواج لدى المريض النفسي افيد؟
وماموقف الطرف السليم؟ والى اي حد نطالبه بالتضحية؟
نشر في عام 1972 بحث خطير في المجلة الأنجليزية للطب النفسي والتي تصدرها الكلية الملكية للأطباء النفسيين…لقد اثبت البحث أن نسبة الطلاق تكون اقل بين المرضى النفسيين وأن مقدار مايشعرون به من سعادة يفوق الاشخاص الطبيعيين ,ولقد حاول العلماء القائمون بالبحث تفسير هذه الظاهرة وكان رأيهم ان التقارب النفسي بين المريض وزوجته او المريضة وزوجها او متزوجان مريضين نفسيا, يصل الطرفان الى حالة نفسية قريبة من بعضهما بحيث من الممكن أن يستشعر معا الامهما المشتركة وتكون لهما طريقتهما في استشعار السعادة بشكل ما, ومايبدو من الطرف المريض من سلوك قد يبدو شاذا للأخرين, فأنه يمكن تقبله ببساطة وحب من الطرف السليم ,والخلاصة أن الطرفين يصلان الى حالة من التقارب الفكري والوجداني والسلوكي بحيث يسعدان اكثر, ويؤكد صحة هذا حقيقة هامة يجب أن نعلمها جميعا وهي أن اكثر الناس حساسية واكثرهم رقة في الشعور هم المرضى النفسيين, فقط يجب أن نعرف كيف نعاملهم, كيف نستوعبهم داخل محيطنا الاجتماعي وتعاملنا اليومي بدون أن نشعرهم بأنهم غرباء الاطوار, وبدون أن نحيطهم بأهتمام ورعاية زائدين قد تفسد عليهم السير الطبيعي في طريق الشفاء.[clear] ان الحب الطبيعي بدون افراط هو من أهم وسائل العلاج في الطب النفسي ,أن نفسح صدورنا وقلوبنا وأن تتقبل مرضانا النفسيين بيننا وندعهم يعيشون حياة طبيعية انسانية,فهذه امور ضرورية للشفاء,ونكرر جملة بدأت بها حديثنا وهي :ان حضارة اي مجتمع تقاس الأن بمدى استيعاب وتقبل المريض النفسي وتهيئة الجو النفسي والأجتماعي لمساعدته.