الرئيسية - الصحة والحياة - الفنون والجنون : بين العبقرية والجنون شعرة

الفنون والجنون : بين العبقرية والجنون شعرة

الفنون و الجنون ….

هناك مقولة قديمة تقول “بين العبقرية والجنون شعرة”. على أي أساس جاءت هذه المقولة الا من خلال تجارب رأها الناس مرارا وتكرارا ووجدوا تلازما عجيبا بين الفنون والجنون ، بين الغرق في الفن والابداع والعبقرية وبين الجنون والامراض النفسية التي كان يجملها القدماء في صفة الجنون وهي امراض وحالات مختلفة. اذن أدرك الناس قديما هذه المتلازمة بدون بحث علمي دقيق. في العصر الحديث قام فريق بحثي بمعهد كارولينسكا السويدي بملاحظة عدد محدد من المبدعين في مجالات مختلفة أدبية وفنية وعلمية. وكانت نتائج البحث مؤكدة للمقولة السابقة ولكن بنوع من التفصيل والايضاح.

الابداع والفصام

كانت من أهم نتائج البحث والتي نشرها موقع “ساينس ديلي” هي الرابطة بين الابداع ونسبة حدوث مرض الفصام الذهاني وهو مرض عقلي شهير ونسميه “الشيزوفرنيا” ومعناه أن يتعايش الانسان بنوعين متناقضين من الشخصية وقد جسدت السينما كثيرا هذه الحالة وصورتها ولكم أن تتصوروا مدي المعاناة التي يعيشها المريض بهذه الحالة والمحيطين به. البحث أثبت ان المبدعين لديهم ميل بنسبة تفوق 50% عن الناس العاديين للاصابة بالفصام واالاضطراب ثنائي القطب. يذكر البحث أن كثير من المبدعين يضطرون الي الانتظام على أدوية لضبط المزاج والحالة النفسية لفترات طويلة وربما طوال العمر.

الفن والاكتئاب

أوجد البحث أيضا أن رهافة الحس وحساسية الفنانيين تدفعهم أكثر للشعور بالمواجع والأحزان عن غيرهم من الناس العاديين. لذلك تجد الفنان أكثر ميلا للاكتئاب والتأثر بل ويصل الامر احيانا للاكتئاب السوداوي المؤدي للانتحار في بعض الحالات. ويؤكد البحث أن المبدعون يزيد عندهم الميل للاكتئاب بنسبة 50% عن غيرهم.
يميل بعض الفنانيين للمخدرات والكحوليات لمواجهة نوبات الاكتئاب والحزن.

الذكاء والجنون

يؤكد البحث أن بعض العباقرة شديدي الذكاء قد يؤدي بهم أي انحراف اخلاقي الى كوارث لهم وللمجتمع الذي يعيشون فيه. نتذكر جميعا حوادث المافيا وجرائم المنظمات الارهابية وكيف يدبرونها بحرفية وذكاء ويستغلون الذكاء في الاضرار بغيرهم أكثر. الجنون قد يكون جنون سلطة أو رغبات انتقامية سيكوباتية ضد المجتمع يقوم فيها المجرم صاحب الذكاء بالانتقام من مجتمع يظن هو انه ناقم عليه ولا يقدره حق قدره ولذلك يتفنن في الانتقام وخلق المشاكل. والنوع الاخر يكون من عباقرة فنانيين او مبدعين أفادوا البشرية ولم يقدرهم الناس حق قدرهم فينقلب حالهم الى بؤس وشقاء وغالبا الى حالة من الاكتئاب وانسداد الشهية العصبي.

الطب النفسي والعبقرية

يقوم أطباء النفس بدراسة وبحث حالات العباقرة وكيف يسيطرون من خلال العلم على جموح العبقرية وانزلاقها الى مالايحمد عقباه. كيف تستغل المجتمعات خبرات ومميزات وجود مبدعين وعلماء عباقرة دون أن يجمحوا الي الجنون والامراض النفسية المستعصية. تبدأ المعالجة والبحث على العباقرة الصغار ويتم المتابعة وعمل الجلسات المناسبة لمعرفة دوافع الفرد تجاه طموحاته وتجاه مجتمعه. والطب النفسي يستطيع بأبحاثه معرفة أكثر وضوحا لهذا التلازم بين حالة الابداع والعبقرية وبين الجنون او الامراض النفسية وخاصة الاكتئاب والفصام.

حالات عبقرية أصابها الاكتئاب

[image src=”http://upload.wikimedia.org/wikipedia/ar/c/c0/%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD_%D8%AC%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%86.jpg” title=”محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي” lightbox=”yes” align=”right” float=”right”]

سنورد هنا مثال شهير وهو الفنان المصري والشاعر العظيم صلاح جاهين. كسرت نفسه هزيمة 67 وانزوي ساخرا من الدنيا ومافيها واصابه الاكتئاب ومات به. اقرأوا اشعاره ورباعياته في هذه الفترة لتدركوا كم كان مكتئبا وهو الضاحك وصانع البهجة دائما. ولكن لحساسيته المفرطة وتأثره الشديد بكل الاحداث مات كمدا رحمه الله. والمثال الاخر فنانة شهيرة وهي سعاد حسني والتي أصابها الاكتئاب الشديد أيضا في اخر سنوات عمرها.

 

عن د.محمد سرور

كاتب علمي منذ عام 2005, يهوى الكتابة العلمية وفي مجال الفضاء والطب والعلوم. هواياته المفضلة القراءة,الكتابة,الموسيقي,الانترنت,السفر.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .

ثلاثة − 2 =