تعتبر المراهقة من المراحل العمرية الحرجة والتي يرافقها إلى جانب التغيرات الجسدية تغيرات نفسية كثيرة تؤثر على المراهق نفسه وعلى المحيطين به أيضا،لكن كيف سيكون رد فعل المحيطين إذا ظهرت المراهقة عند شخص في الخمسين أو الستين ؟ .. إنها ما يسمى بالمراهقة المتأخرة التي يعاني فيها الشخص من نفس أعراض المراهقة العادية من تصرفات صبيانية وطيش وانفلات لكن في سن مختلف فكيف تنعكس اذن آثار المراهقة المتأخرة على الشخص الراشد ؟ وكيف يمكن التعامل مع مثل هذه الحالات.
المراهقة المتأخرة عند المرأة
من بين الظواهر التي نلاحظها في المجتمع و تلفت انتباه الجميع هو تصابي بعض البالغين وسعيهم للتشبه بالمراهقين ومجاراتهم في جديد الموضة الشبابية والتصرفات التي لا تتناسب وسنهم ومكانتهم الإجتماعية .. فتجد المرأة تسعى إلى ابراز أنوثتها رغم عامل الزمن فتتحرر من القيود التي كانت تكبل بها نفسها خصوصا بعد سن الأربعين حيث تتغير نفسية المرأة ويتغير شكلها وتبدأ آثار الزمن بالظهور على وجهها فتسعى لممارسة الرياضة من أجل التخلص من الوزن الزائد ولكن الإقبال الكبير على مسايرة الموضة هو ما يلفت الإنتباه إليها فتجدها ترتدي ملابس لا تناسب سنها من ملابس ضيقة وجينز وتدمن على صالونات التجميل وتصبغ شعرها بألوان ملفتة للنظر وتضع العدسات اللاصقة … ورغم أن كل هذه التغيرات قد لا تضايق أفراد أسرتها في البداية إلا أن فقدانها لمسؤولياتها تجاه الأسرة والبيت والسعي للتشبه بالمراهقات بسبب الخوف من التقدم من الشيخوخة فإن اهمال الآخرين لها قد يؤثر على المحيطين بها.
المراهقة المتأخرة عند الرجل
بعض الرجال يجدون أنفسهم قد خرجوا من مرحلة الطفولة إلى تحمل المسؤولية مباشرة , دون المرور بمرحلة المراهقة . فتجد هذا النوع من الرجال لا يهتم بنفسه و ينغمس في عمله و يدمن عليه بشكل رهيب , فتحمل المسؤولية وبناء أسرة والسهر على تربية الأبناء والإنشغال بهمومهم يجعل الرجل يشيخ قبل الأوان , وإذا ما كبر الأبناء وخف الحمل على الرجل فإنه يبدأ في التفكير بنفسه والإهتمام بشكله واستعادة شبابه بعيدا عن ضغط المسؤوليات , فتجده يلبس ثيابا أصغر من سنه بألوان فاقعة لم يكن يجرؤ على إرتدائها أو حتى يفكر في شرائها ., وقد يبالغ في الأمر ليصل حد التدخين أو شرب الشيشة مقلدا شباب في عمر أبنائه ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل قد يتعداه ليصاحب الشباب ويعاكس الفتيات ويقوم بتصرفات طائشة تفقده هيبته واحترام الآخرين له.
رأي علماء النفس
يعتبر علماء النفس أن لكل مرحلة عمرية خصوصياتها و مميزاتها التي يجب أن يعيشها الشخص بلك تدرج ليحدث لديه تطور ونضج اجتماعي ونفسي وجسدي مما ينعكس على سلوكه ومظهره ..لكن إذا تم ملاحظة عكس هذا فإن ذلك يعود حتما لخلل ما في الشخصية مثل السعي للتشبه بالمراهقين والتنافس معهم في الملبس و المظهر أو المكياج واقتناء الموضة وقد يمتد التنافس إلى التصرفات والأنشطة..مما يدل على عدم التوازن في الشخصية بسبب التعرض لظروف قاهرة أثناء المراهقة والشباب لم تسمح للشخص بالعيش والتصرف طبقا لسنه , مثل الإنتقال من الطفولة من مرحلة الطفولة إلى الشباب دون المرور بالمراهقة التي تعد مرحلة أساسية في تبلور الشخصية عندما تمتزج اللامسؤولية بالتجارب والخطأ بالصواب .. والمبالغة في الإهتمام بالجنس الآخر , و إذا ما تم اختزال هذه المرحلة والمرور مباشرة لمرحلة الرشد وتكاثر المسؤوليات والتفكير في الإستقرار فإن الشخص يظل يفكر في شوق في أيام اللامسؤولية والتمتع بالحياة دون اكثرات بما يحمله الغد أو بعواقب الأمور.
إلى جانب هذه الأسباب قد تكون تكون النرجسية وحب الذات وراء الرغبة في توقيف الزمن والإحتفاظ بجمال ووسامة مرحلة الشباب وقد يكون التشبه بالمراهقين تعبير لا شعوري لرفض سلبيات مرحلة الرشد و آثار الزمن.