في العام 1999 ميلادية حصل العالم المصري الدكتور أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء وكانت الجائزة عن انجازه مع فريق عمله بجامعة كالتاك الأمريكية في التوصل الى وحدة جديدة للزمن وأسموها “الفيمتو”. وهذا يراه علماء الكيمياء والطبيعة في العالم كله فتحا مبينا في العلوم الحديثة. هو ليس اكتشاف أو اختراع صناعي أو علاج حديث مثلا ولكن هو علم كامل وشامل بدأ على أيدي هذا الفريق وسيدخل ألاف الباحثين من هذا الباب للبحث في ماوراءه وما أتاحه لهم هذا العلم الجديد.
ما هي الفيمتو ثانية؟
الفيمتو عبارة عن جزء من مليون من البليون من الثانية. حتى نبسطها ونفهمها بسهولة سنفترض أن الثانية عبارة عن مسطرة ثم سنقسم هذه المسطرة الى بليون جزء. سنقتطع جزء واحد من البليون التي أمامنا ثم سنقسمها هي الاخري الى مليون جزء, ثم خذ قطعة واحدة فقط من المليون فتصبح هي الفيمتو .
فهمت قدرها ولكن لا أفهم معناها!!
ببساطة تخيل نفسك أمام مروحة ذات 3 ريشات وتدور علي السرعة البطيئة, سترى الريشات الثلاث بسهولة ووضوح بكل تفاصيلهم (لماذا؟) لأن سرعة دورانهم تقدر بالثواني القليلة وسرعة رؤية العين أسرع من سرعة دوران الريشات وبالتالي ترى المشهد بوضوح وتفصيل. أسرع من دوران المروحة الي السرعة القصوى. ستجد سرعة دوران المروحة أسرع من سرعة التقاط عينيك للصورة وبالتالي ستستطيع أن تري دوامة دائرية فقط من دوران الريشات ولكن لا تستطيع أن تري بدقة كل ريشة على حدى. نفس هذا الحال كان في العلوم فالعلماء يمتلكون أجهزة ميكروسكوب ضوئية والكترونية ذات سرعة معينة يستطيعون أن يصوروا ويروا كل شيء سرعته أبطأ من سرعة هذه الأجهزة , ولكن أي شيء تزيد سرعته عن سرعة التقاط أجهزتهم للصور لا يدركوه ولا يستطيعون رؤيته بدقة ,وبالتالي لا يستطيعون معرفة أي شسء عنه وعن كيفية حركته ولا يستطيعون فهم كثير من التفاعلات.
الفيمتو ثانية والتفاعلات الكيميائية
تتذكرون في دراستكم قبل الجامعية في مادة الكيمياء كنا ندرس بعض التفاعلات الكيميائية البسيطة وكنا نستخدم الرموز الكيميائية لنرسم المعادلة بمعطيات وبتفاعلها تخرج نتائج. كانت الكيمياء افتراضية وغير مبنية على دقة البحث والتيقن من التفاعل وماذا يحدث فيه لأن سرعة أغلب التفاعلات أسرع كثيرا من أفضل الأجهزة الميكروسكوبية المتاحة في المعامل. وجاء الفيمتو ثانية وتكنولوجيا الفيمتو ثانية ليغير كل هذا الأمر ويصبح لأول مرة لدى العلماء الفرصة لتطوير أجهزتهم باستخدام الفيمتو فائق السرعة لرؤية كيفية التفاعلات الكيميائية وكيف تتبادل الذرات الالكترونات وكيف تتشكل المواد الجديدة. وبعد سنوات من ظهور البحث ونشره أصبح يدرس الأن في الجامعات كعلم منفرد حديث.
الفيمتو ثانية والطب
من أسرع المجالات التي استفادت من تكنولوجيا الفيمتو ثانية هو الطب وبالتحديد طب العيون. فقد طور عدد من العلماء والباحثين أجهزة ليزر لتصبح بالتكنولوجيا الحديثة تسمي “فيمتوليزر” وهي تقوم بكثير من عمليات تصحيح الابصار وبعض العمليات الدقيقة في جراحات العيون.
الميكروسكوب رباعي الأبعاد
هذا هو البحث الأحدث الذي يقوم به فريق العالم المصري د.زويل بالولايات المتحدة وهو اختراع ميكروسكوب رباعي الأبعاد. المعني بوضوح هو ميكروسكوب لا يكشف عرض وطول وارتفاع الشئ فقط ولكن دخل الى جوارهم عنصر الزمن أيضا. وهذا لأن الميكروسكوب ثلاثي الأبعاد كان يري الشيء ساكنا لا يتحرك ولكن باضافة تكنولوجيا الفيمتو واضافة البعد الرابع “الزمن” أصبح بامكان العلماء رؤية الشيء تحت الميكروسكوب وهو في حالة الحركة وبالتالي يمكن رصد التفاعلات التي تحدث ودراستها.