اليوم وبعد أن تقرأ هذا المقال البسيط والذي سيخاطب عقلك خطابا لينا ويلمس قلبك ويهمس اليك بكلمات قد تتجنب سماعها من أي أحد وحتى من نفسك. جرب وانت في خلوتك ان تواجه هذا السؤال ولو لدقائق:
هل أنت مخلص في حبك لحبيبتك؟ لزوجتك؟ لأمك وأبوك؟ لأختك واخوك؟ لأبنائك؟
هل أنت مخلص في حبك لله؟ ومخلصا في حبك لدينك؟
واجه النفس التائهة المشغولة بهذا السؤال حسب حالتك وحالك وفكر في الاجابة بصدق وتحري الصدق قدر استطاعتك حتى تقف على الحقيقة شبه المطلقة فلا يوجد في الكون مطلق الا خالقه.
الأن وقد أجبت نفسك بما تراه في دائرة الضمير المغلقة والتي لا يطلع عليها سواك الا خالقك ومن سواك وصورك. دائرة ضميرك هي الساحة الحرة التي تمتلك فيها حق الاختيار ولا اجبار من أحد ابدا. بماذا أجبت نفسك؟
لو كنت ترى نفسك وقد أخلصت في الحب فتيقن من اخلاصك فورا بسؤال واستفهام بسيط وتحرى في جوابه الصدق وهو ماذا انت قد فعلت لتكون في هذا الحب مخلصا؟
لا يلمع الحب في قلوب الناس الا بالاخلاص في الحب.
سهل جدا أن تحب طالما أحببت بصدق. ومن السهل أيضا أن تجد لنفسك سبيلا لمن تحب, وليس صعبا ان تعبر عن حبك بكلمات أو بنظرات حتى فالنفس البشرية نفسا ذكية تستطيع أن تغزو القلوب بكثير من الطرق. ولكن الصعب فعلا وهو الصعب الذي يميز الحق ويظهره هو الاخلاص. لا يلمع الحب في قلوب الناس الا بالاخلاص في الحب. والاخلاص هو أن يصدق القصد عملا يتممه. فقد تقول مثلا ان مخلص في عبادة الله وهنا ستسأل نفسك بنفسك وماذا فعلت حبا في الله ؟ وليست الاجابة هنا قد أديت الفروض والواجبات فهي فروض أنت وغيرك ملتزم بها أما وقد قلت انك تحب الله فيجب أن تكون قد قدمت وتقدم كل يوم ما يثبت هذا الحب فتشارك مثلا في عمل خيري يخدم المرضي أو تخفف عن المعسرين أو تزور المريض أو تعمل على محو أمية الناس. ولو قلت انا احب والدتي فاسأل نفسك ماذا قد قدمت لها ليثبت عني هذا الحب واكون مخلصا فيه؟ هل تعاملها بالحسنى فهذا حقها اصلا عليك, وهي مسئولة منك ولكن ما يصح به اخلاصك في حبها أن تكون هي جزء من أحلامك فتفتكر فيما تفعله ويرضيها وما تفعله فيسعدها, وتسعي دائما لتحقيق ما عاشت هي لأجله وليس التعامل معها بصفتها الام الحانية فقط.
عندما تجد شخصا متفوقا في الدراسة لا تفكر فقط في ذكاءه وعبقريته ولكن فكر أولا في اجتهاده واخلاصه في مذاكرته . وعندما تجد شخصا مثقفا عارفا لا تعتقد أنه اكتسب الثقافة من برامج التلفاز أو من حكايات الاصدقاء ولكن اكتسبها باخلاصه في الاطلاع والقراءة وحضور الندوات ومصاحبة المفكرين والادباء. ويقول الكبار في بلادنا “لكل مجتهد نصيب”.