الجنس في الافلام المصرية يتميز بشئ لا نراه ولن نلاحظه في الافلام الأمريكية الهوليودية ولا الهندية البوليودية. الجنس في الافلام المصرية يؤرخ لفترات تاريخية قريبة في قرن كامل من الزمان منذ بدأت في بدايات القرن العشرين وحتى لحظة كتابة هذه السطور. الكيفية والطريقة التي يتم بها تصوير واخراج وعرض مشاهد الجنس في الافلام المصرية تعطيك فكرة عميقة وسهلة لتحكم وتعرف الكثير عن شكل المجتمع المصري والعربي في كل فترة من الفترات. تعالوا لنعرف القصد ونختبر هذا الطرح.
الجنس في الافلام المصرية – البدايات
نحن نتحدث عن فترة الثلاثينيات والاربعينيات. عهد الملكية في مصر, مجتمع عدد سكانه أقل من 16 مليون مواطن, تحميه بشدة كثير من القيم والعادات الشرقية والعربية الأصيلة. يشهد المجتمع بداية موجات النداء بحرية المرأة وخروجها للمشاركة . يشهد المجتمع حركة تقدمية يقودها أدباء كبار مثل طه حسين ونجيب محفوظ وفنانين كبار مثل ام كلثوم وعبد الوهاب. مشاهد الجنس في الافلام المصرية في هذه الفترة تجدها رمزية جدا فتشاهد البطل والبطلة يدخلون الغرفة مثلا ثم تجد مشهد المطر والعواصف الشتوية والتي يستخدمها المخرج للتعبير رمزيا عن الجنس. ستجد ذلك في افلام حسين رياض, وحسين صدقي القديمة.
الجنس في سينما الثورة 52
انتقلنا من الحكم الملكي الى الحكم الجمهوري بعد انقلاب يوليو 1952 العسكري من قبل الضباط الأحرار. تغير الوضع الاجتماعي كثيرا ووزعت الاراضي الزراعية على الفلاحين الفقراء, تحولت البلاد الى حكم شمولي اشتراكي. وجدنا السينما تعبر عن هذا التغير بفيلم رد قلبي والذي تحب فيه انجي ابنة الطبقة الارستقراطية على ابن الطبقة الفقيرة الكادحة. مشاهد الجنس في هذه الفترة في الافلام المصرية تحررت نسبيا من الرمزية فأصبحت مليئة بمشاهد القبلات ولكن عندما يطول المشهد يستخدم المخرج مشهدا رمزيا أو يخفي الوجوه بساتر ما.
الجنس بعد هزيمة 67
مشاهد الجنس في افلام هذه الفترة كانت كثيرة بشكل غريب, وكانت جريئة بشكل لم يسبق حدوثه قبلها. كان الفنانين والمخرجين محبطين ومكتئبين وحتى مشاهد الجنس كانت كئيبة ومرتبطة بأجواء الهزيمة والاحباط. كانت الافلام من عينة “خلي بالك من زوزو” وغيرها تدل على خلل وعطب أصاب المجتمع بعد الهزيمة.
الجنس بعد الانفتاح
نحن الأن نتحدث عن نهاية فترة السبعينيات بالتحديد. كان الرئيس الراحل السادات بدأ سياسة الانفتاح الاقتصادي وأصدر قرارات اقتصادية أدت الى كثير من التغيير في المجتمع المصري وقتها. ولأن السينما المصرية تمثل رصد وتعكس حالة المجتمع في هذا الوقت تجد الجنس أصبح ضيفا ثقيلا ومقحما على كل الافلام تقريبا. أصبحت المشاهد الجنسية أكثر جرأة ولا يتواني المخرجين في اقحام مشاهد الرقص والجنس في كل فرصة وحتى من دون فرصة.
السينما النظيفة
بدأت هذه الفترة بعد العام 1997 مع ظهور جيل من الشباب أمثال محمد هنيدي وعلاء ولي الدين واحمد حلمي .تميزت سينما هذا الجيل بغياب مشاهد الجنس نهائيا من أفلامهم ولذلك اجتذبوا جمهور الاسرة المصرية مرة اخرى لدخول السينما بعد أن أصبحت حكرا للشباب والمراهقين. وهذا لا يمنع وجود سينما مختلفة لها جمهورها غنية جدا بمشاهد الجنس ويمثل هذا الاتجاه ايناس الدغيدي وخالد يوسف ورضوان الكاشف, ولكن الأغلب في سينما الفترة الأخيرة هو خلوها من مشاهد الجنس. وأعتقد أن الحال سيطول مع وصول التيار الاسلامي للحكم حتى لو لم يضيق الخناق على السينمائيين بقيود رقابية. ولكن بالتأكيد سيحدث تأثير ما.